640 مقدمة المتجم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي هداني للإسلام و لو لا فضل الله و رحمته ما اهتديتُ إلى ذلك سبيلا. وأشهد أن لا معبود بحق سوى الله الواحد الأحد الفرد الصمد، و أشهد أنّ ممّدا عبده و رسوله و نبيّه الخاتم المبعوث إلى النّاس كافّة صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا وعلى أصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان . أما بعد ... عندما أسلمتُ كنتُ متعطّشا للعلم و معرفة المزيد عن الإسلام ، و أردتُ أن أفهم و أتعلّم من المصدر الأوّل و الأهمّ ، ألاَ و هو القرآن الكريم ، لكنْ لأنني لم أكن أعرف اللغة العربية ، اُضْطّرِرْتُ للّجوءِ إلى مختلف الترجات الموجودة إلى اللغة الإسبانية لمعاني القرآن ، لكن و للأسف ما وجدتُه كان مخيّبا للآمال إذِ النصوص المترجَة كثيرا ما كانت غير مفهومة و غير مناسِبة . بعد ذلك فهمتُ أنّ الأمر له علاقة بسببين رئيسيين : السبب الأوّل : أنّ الكثير من هؤلاء المترجين لم تكن لديهم دِرايةٌ كافية بالإسلام و بِرسالته و تاريخه ، فكانت النتيجة أنْ جنَدَ خَلْطاً كبيراً في المفاهيم ، بل أكثر من ذلك ، حيثُ وجدنا حالات تزوير متعمّدة بحيث يتمّ تغيير معاني الآيات إلى غير مقصودها الصحيح حتى يسهلَ اتّهام الإسلام و كتابه المقدّس. السبب الثاني : أنّ الكثير من تلك الترجات تُرجِتْ بطريقة حَرْفِيّةٍ للغاية ، بحيث يتمّ تقليد أسلوب اللغة العربية في الترجة ، ليس فقط في التعبير عن المعاني بل حتى في ترتيب المفردات نفسها ، بحيثُ تبتعد الترجات عن قواعد اللغة الإسبانية ممّا يجعلها مُربِكة و غير واضحةِ المعاني. بالإضافة إلى كلّ هذا فإنّ بعض الترجات إلى الإسبانية تستعمل لغة قديمة و بعيدة عن الإسبانية المتداولة في القارّة الأمريكية كما أنّ غالبيتها تفتقد إلى هوامشَ تشرح و تفسّ السياق التاريخيّ أو الأحكامَ المترتبة على ما يتمّ ترجته. هذا الخلل و الضّعف في ترجات القرآن المختلفة كان سببا في حرجٍ أجده مع أفراد عائلتي و أصدقائي و معارفي ، إذْ كأيّ معتنِق جديد للإسلام أردتُ أن أحدّثهم عن ديني الجديد و أعرّفهم به ، لكن كلّما فعلتُ وطلبوا مينّ أن أُمِدّهم بنسخة من القرآن باللغة الإسبانية لفَهْم معانيه و عقيدته بشكل أفضل ، كنت أجد حرجا في ذلك إذْ لم يُكن هنالك حتى ذلك الوقت ترجةٌ يمكن الاعتماد عليها لمعرفة حقيقة الإسلام ، بل أكثر من ذلك ، فإنّ بعض الترجات قد تُعمّق وتُرسّخُ أكثر الأفكار الخاطئة الشائعة حول الإسلام و التي تنشرها مختلف وسائل الإعلام . هذا الواقع المرِير أثارَ اهتمامي و جعلني أفكّر في العمل على ترجة القرآن الكريم ، منتهجا أسلوبا يهتمّ بشكل أكبر بنقل و ترجة المعاني الحقيقية و العميقة و الروحية للقرآن بشكلصحيح و مباشر بدلا من الاهتمام بالترجة الحرفية أو ماولة تقليد الأسلوب الأدبي للنّص الأصلي ، كما أنّني أردتُ في هذا العمل إبراز النظام الاجتماعي الرائع الذي استخلصتُه من قراءتي للقرآن و دراسته بلغته الأصلية. ١
RkJQdWJsaXNoZXIy MTUxNjQ1